فصل: ضعف التلامذة وتمسكهم بفهم الأئمة للنصوص:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كيفية دراسة الفقه (نسخة منقحة)



.من يمثل مدرسة الأثر في اتباع أصولهم:

على الذي أسلفت فيما هو تبويب وإيراد ما في الباب من أدلة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم يعني من آثار أو من كلام الصحابة أو من التابعين أو من تبع التابعين بالأسانيد أهل الأثر ويمثلهم بوضوح في اتباع أصولهم الإمام أحمد رحمه الله ورحمهم أجمعين ينظرون في المسألة فإذا كان فيها حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قدّموه إذا كانت دلالته ظاهرة أو من باب أولى إذا كانت نصاً فإذا لم تكن كذلك نظروا في فتاوى الصحابة فيما يثبت أحد الاحتمالين في الفهم كذلك إذا جاءت فتوى عن الصحابي وكان فيها احتمال في الفهم نظروا في أقوال أصحابه من التابعين بما يوضح لهم معنى قول الصاحب إذا كان القول ظاهراً أو نصاً من الصحابي في مسألة نازلة وليس له مخالف أخذوا به، وإذا اختلف الصحابة في المسألة على قولين هنا تنازعوا، يأخذون بقول من؟ فمنهم من قال نأخذ بقول الخلفاء الراشدين أو بأحدهم إذ وُجِد ذلك، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» وإذا مثلاً عثمان خالفه ابنُ عباس أخذوا بقول عثمان، وإذا عمرُ خالفه ابنُ عمر أخذوا بقول عمر وهكذا، وإذا اجتمع الخلفاء الأربعة في مسألة أخذوا بها بقوة، وتارة تكون الآثار متعارضة في المسألة فيكون للإمام أكثر من قول وفي هذا كثرت الروايات عن الإمام أحمد في المسائل تجد مسألة له فيها عدة روايات لأنه في الرواية الأولى مال إلى ترجيح أحد الآثار في المسألة، والرواية الثانية نظر في المرة الأخرى واختار الآخر، وهكذا، فالمقصود أنهم يدورون بالنظر مع الآثار، والإمام أحمد لما استفتي أو كان يستفتى كثيراً، تلامذته صنفوا المسائل عنه فهذه المسائل عن الإمام أحمد كثيرة تبلغ نحو سبعين كتاباً من المسائل أو نحو ذلك لأصحابه منها الشيء المختصر ومنها الكثير، أعني الكبير، هذه نقل منها طائفة من أصحابه ما هو معتمد عنده مما يعرفونه من كلام الإمام أحمد وهم المسمون بالجماعة عن الإمام أحمد، هذه الأقوال دونها بعض الحنابلة في المختصرات ابتداءً من الخرقي.
فمن بعده حولوا الفقه إلى أنه فهم الإمام في النصوص كان سابقاً مثل ما ذكرت لكم الأئمة ينظرون في الآثار.

.ضعف التلامذة وتمسكهم بفهم الأئمة للنصوص:

فلما أتى التلامذة كثرت عليهم الآثار تنظر مثلاً في الفقه في المصنف مصنف ابن أبي شيبة مصنف عبد الرزاق تحتار أقوال مختلفة وأسانيد، ومسائل تعترضها أحياناً أدلة أصولية، وأحياناً أدلة تحتاج إلى معرفة رجال الإسناد.
وأحياناً النظر في القرآن وفي السنة وهل يحمل هذا على هذا أو لا، فالتلامذة ضعفوا عن ذلك مع وصية الأئمة بأن يأخذوا من حيث أخذ الأئمة، لكن وجدوا في أنفسهم الضعف فتمسكوا بفهم الأئمة للنصوص لأجل أن يريحوا أنفسهم دونوا هذا، وهذا التدوين أضعف باب النظر في آثار السلف تدوين الفقه، مثل مختصر الخرقي وغيره أو مختصر المزني للشافعية أو مختصر الطحاوي أو مثلاً كتب محمد بن القاسم عن مالك مثل المدونة وغيره أضعف النظر في الآثار التي هي عمدة هؤلاء الأئمة فصاروا يدورون مع نصوص الأئمة بل زاد الأمر بعد ذلك حتى أصبحوا يخرجون عليها كأن هذه قد نص عليها الإمام بمسألة جامعة، وهي كما ذكرت لكم أنهم ذكروها جواباً على الاستفتاءات والمُستفتي إذا استفتى فالجواب يكون على قدر الفتوى ولا يستحضر المفتي حين السؤال أن كلامه سيكون عاماً أو خاصاً أو نحو ذلك، فإنما يجيبون على حسب السؤال أحياناً ينتبه لهذا الأمر فيجيب على قدر السؤال، لهذا ظهرت هناك أقوال، أقوال في المذهب الواحد، مثلاً عند الشافعية أقوال العراقيين وأقوال الخراسانيين قول للشافعي في القديم وقول في الجديد ومن منهم من أخذ بهذا ومن منهم من أخذ بهذا لأجل نظرهم بأن الإمام ما أراد بنصه هذا المعنى المعين بل أراد شيئاً آخر هذه كانت جواب، أو هذه أراد بها خصوص المسألة ما أراد مثيلاتها ونحو ذلك.

.المراحل التي مر به مذهب الحنابلة:

كذلك أصحاب الإمام أحمد كثرت عندهم الأقوال وأصحابه كثير ولأجل كثرة الروايات تعددت الأقوال في المذهب لهذا مثلاً عند الحنابلة عندنا عدد مراحل مرت بها وهي ثلاثة مراحل:
1- مرحلة المتقدمين.
2- مرحلة المتوسطين.
3- مرحلة المتأخرين.
فالمتقدمون من أوله يعني من الخرقي أو ما قبله إلى القاضي أبي يعلى ومن القاضي أبي يعلى إلى آخر الشيخين الموفق والمجد هذه تعتبر من المتوسطين ثم بعد ذلك يبدأ المتأخرون على خلاف بعضهم يزيد في هذا قليلاً، مثلاً فالشافعية عندهم قسمان متقدمون ومتأخرون والحد عندهم بين المتقدمين والمتأخرين رأس الأربعمائة وهكذا عند المالكية أيضاً عندهم طبقات هذا تجديد في فهم الكتب فهم نصوص الأئمة إلى آخره.
هذه المراحل في كل مرحلة دونت كتب هذه الكتب تختلف في أسلوبها سواء في الفقه أو في أصول الفقه تختلف في أسلوبها تختلف في استيعابها ما بين ماتن وموسع قليلاً ما بين ضابط للعبارة وسهل العبارة وما بين ذاكر للخلاف وغير ذاكر للخلاف.
فلهذا المسائل التي يذكرها المتقدمون تجدها أوضح من التي يذكرها المتأخرون، فكل ما تقدم الزمن كلما كان الكلام أوضح، فالمتأخرون يذكرون المسائل لكن يصعب فهم كلامهم في بعض الأنحاء.
فإذا صعب فهم كلامهم ترجع إلى كلام المتقدمين في نفس المسألة تجدها أوضح، وليس المقصود بذكر المذهب الحنبلي فقط، لكن كتأصيل عام لهذا نقول أن التفقه وحرص المرء على أن يكون عنده ملكة فقهية يكون مبنياً على هذا الذي ذكرته وأنت تلاحظ فيما ذكرتُ كان هناك متون وهذا الأخير وكان هناك استفتاءات وهي المتوسطة وكانت هناك الآثار وهي المتقدمة.
فأولاً: الآثار هي التي ظهرت في الأمة وهذه الآثار كان منها ما هو جواب أسئلة ثم بعد ذلك كلام الأئمة كان عن استفتاءات مثل المدونة سئل الإمام مالك فأجاب كذلك الإمام الشافعي كثير منها أسئلة، وعلم الإمام أحمد في المسائل كثير والثالث مصنفات لهذا الفقه.

.الأمور التي تراعى لتنمية الملكة الفقهية:

وتنمية الملكة الفقهية والحاسة الفقهية في فهم المسائل وفي التعبير عنها وفي إدراك كلام العلماء على المسائل الفقهية يكون برعاية هذه الثلاث مجتمعة:
أولاً: العناية بالمتون.
ثانياً: العناية بالفتاوى.
ثالثاً: العناية بالآثار.
لابد منها على هذا النحو يعني تعكس هي في تاريخ الأمة بدأت الآثار الفتاوى ثم تدوين المتون الآن نعكس إذا أردنا طلب الفقه لأن مثلاً في زمن أهل الآثار زمن الصحابة والتابعين عندهم اللغة وأصول الفقه، وأصول الفقه مبناها على اللغة فعندهم ملكة في الفهم والاستنباط وهذه ليست عند المتأخرين لكن ننمي هذه الملكة وتتنامي هذه الملكة: إذا عكسنا الطريق.

.العناية بالمتون:

أولاً: نبدأ بالمتون ثم بالفتاوى ثم بالآثار، فإذا أتيت إلى الناحية التطبيقية مثلاً عندنا تقرأ في الزاد متن من متون الكتب للمتأخرين من الحنابلة، هذا تأخذه وتتصور مسائله مسائل مجردة تفهم صورة المسألة وهذا أهم مما سيأتي بعد لأن ما بعده مبني عليه فإذا لم تتصور المسألة كما هي صار ما بعدها مبنيٌ على غلط وما بُني على غلط فهو غلط، فإذن تبدأ أولاً بتصور المسائل، مسائل الباب إذا كان هناك معها أدلة واضحة في كل مسألة هذه دليلها كذا، وهذه دليلها كذا كحجة للمسألة... إلخ.

.العناية بفتاوى الأئمة:

ثم تنظر في فتاوى الأئمة، تنظر في فتاوى علمائنا مثلاً فتأخذ مثلاً باب المسح على الخفين، تقرأ هذا الباب وتفهم مسائله على حسب ما يذكر من الدليل المختصر ما تتوسع لأنك إذا توسعت ضعت إذا توسعت في كل مسألة وطلبت أدلتها والآثار فيها ما نخلص في كل مسألة فيها في الكتب كتب الآثار وكتب الحديث وكتب العلماء من الخلاف الشيء الكثير، لكن تفهم هذه المسائل ثم تنظر في الفتوى السؤال والجواب من علماء وقتك يعني من علمائنا فإذا نظرت إلى هذا يقوى عندك أنّ الفهم الذي فهمته في المسائل مع ربطه بالواقعة الذي هو بالسؤال يكون الفهم عندك اتصل من المتن إلى الواقع، وكثير من الناس يفهم الفقه فهما نظرياً لكن إذا أتى يُسأل، ذهنه ما دربه على هذا الانتقال أي الانتقال من المسائل الفقهية بأدلتها إلى أن هذه الصورة المسئول عنها هي داخلة في ذلك الكلام، أو هي المرادة بتلك الجملة في المتن.
كيف تتنمى هذه الملكة؟ إذا الربط بين الكتاب الفقهي والواقع بمطالعة الفتاوى هنا تتنامى، تبدأ يكون عندك حاسة في المقارنة إذا سُئلت ذهنك مباشرة ينتقل لأجل هذه الدربة أو ما نقول سُئلت مثلاً سألك أحد في بيتك أو أنت سألت نفسك أو وقعت واقعة تبدأ تتأمل سيكون عندك دربة إلى أنَّ هذا هو المراد أن هذه داخلة في المسألة أنت تلحظ أنه بمطالعة كلام المفتين على المسائل يصير عندك سعة في الدليل (واحد)، وتثبيت لتصور المسألة ولحكمها (اثنين)، (والثالث) يكون عندك معرفة بما عليه الفتوى من علمائك، وهذه الثالثة مهمة لماذا؟ لأننا مثلاً الآن الواحد عمره مثلاً خمسة وعشرين سنة أو ثلاثين سنة. كم هذه المسائل عهده بها عهده بها خمس سنين أو عشر سنين، صحيح؟ لكن العالم الذي يفتي مثلاً عمره خمسين أو ستين أو سبعين أو ثمانين، هذا له بها من العهد خمسين سنة مرت عليه ما هو مرة أو مرتين، مرت به عشرين ثلاثين خمسين مرة، ألف مرة، حتى صارت عنده واضحة مثل اسمه من كثرة تكررها، فإذن هنا هذه الفتاوى بمنزلة المصفِّي للكلام الذي تقرأه في المتن، هل هو مما يُفتى به ويعمل به أم لا؟.
مما نلحظ مما سبق أن ذكرناه فيه مسائل نقول ليس عليها العمل، يعني الفتوى ليست عليها في مسائل كثيرة، مثلاً في طهارة جلد الميتة بالدباغ من المعروف مثلاً في ما قرأناه في زاد المستقنع أنه لا يطهر جلدُ ميتة بدباغ مطلقاً، لكن لو كان الحيوان قالوا يباح استعماله في يابس من حيوان طاهر حال الحياة، مما يحل بالزكاة فيه أي يحل أكله بالزكاة يعني مما يباح في ذلك، أو مما كان دون الهرة في الخلقة، إلى ما هو معروف، إذا نظرت في الفتوى على خلاف ذلك، فإذن هنا الضرب الفتوى تبين لك ما عليه العمل في المتن مما ليس عليه العمل.